عاشقة الكلمة... الشّاعرة التّونسيّة زهور العربي...عاشقة الكلمة... الشّاعرة التّونسيّة زهور العربي...

الجمعة، 16 نوفمبر 2012

الشّاهد الرّخاميّ الجاحد



الشّاهد الرّخاميّ الجاحد

كنت هناك، بين تلك الأرواح المتسربلة في البياض، اكتسحني صمت الفضاء النائم في ملكوت الفناء، تقدّمت بخطى مشتاقة، وآهات علقم عالقة في الحنجرة، كان يرقد هناك، على بعد أمتار من الزّفرات الحارقة الّتي صهدت فؤادي، المسجّى بين الضّلوع، شردتْ مني نظراتي، خطفها ذلك البياض الهانئ في أحضان الخضرة، مفترشا الثّرى، متظلّلا باللّحود. وفي لحظة بائسة، تصلّبت قدماي أمام ضريحه المتدثّر بورود الأحبّة ..
رحماك ربّي لم أعد أقوى... توقّفت أنفاسي، غابت في نشيج كاد يقسم صدري.. لم أعد أقوى على الوقوف، أنخت جسدي الواهن على مقعد بارد بجانبه يبكي فراقه، مددت يدي الثكلى أتلمس جسده الهامد، أتحسّس حرارته، أستجدي حركاته الهاربة، أتنشّق بقايا ربيعه الباهت. واصلت واهمة، واخترقت الصوّان بشوقي العارم، لأبحث عن يده الحانية وأتدفّأ أنفاسه الكامنة، غبت في عالمه لست أدري كم من الوقت، كلّمته وأخبرته عن الأولاد، عن البيت، عن الوطن، عن رائحة الموت في غزّة الّتي يحبّها، عن كلّ الأحباب الّذين مازالوا يبكونه، قلت له منذ رحلت هجرتنا الفرحة، وسكنت ديارنا الوحشة.. قلت... وقلت... وتعالى دعائي وأنيني.. ولم تتوقّف يدي إلى أن اصطدمت بالشّاهد الرّخامي الجاحد.. صفعتني الحقيقة بالتاريخ والاسم .. إلهي "هنا يرقد المرحوم حمادي العربي" حينها بحثت عن يده في يدي الخاوية، مددتها بإعياء لتكفكف دمعة لاسعة، ولململت بقاياي بقلب كليم مردّدة ' إنّا لله وإنّا إليه راجعون '

زهور 15\11\2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

زوّار المدوّنة

free counters