عاشقة الكلمة... الشّاعرة التّونسيّة زهور العربي...عاشقة الكلمة... الشّاعرة التّونسيّة زهور العربي...

السبت، 29 سبتمبر 2012

حوار مع الشّاعرة التّونسيّة زهور العربي، موقع معارج




حوار مع الشّاعرة التّونسيّة زهور العربي


أجرت الحوار :عزيزة رحموني
الإثنين, 10 أيلول/سبتمبر 2012



شاعرة تونسيّة بماء الياسمين و عطر الفلّ تغمر حرفها قبل أن ترشّه في قلب قارئها.. لكتابتها جرْس ملتهب يفشي سِرّ وعيٍ متّقد يغري بالمتابعة لكلّ ما يخطّه قلمها...كان لي معها حوار الكتروني شيّق... و لكم معها الآن دفء التّواصل إنّها زهور العربي زهرة الشّعر التّونسيّ المعاصر... لنتابع:

تقول زهور العربي ذات تعريف:

"السّياسة أكرهها و القلم خير من يسندني بعد الله و التّلقائية لباسي و الصّدق دربي و الوفاء أغنيتي و عائلتي مناخي."

لماذا تكره زهور، السياسة؟

نعم كنت ومازلت متشبّثة بكرهي لها بل ونقمتي عليها فتحت مظلّة السّياسة ضاعت أمم وتشرّدت طفولة وجفّ ضرع الأرض وثُقب الغلاف الجوّي وتشوّهت الطّبيعة .. أنا هنا لا أقصد السّياسة كعلم له مفاهيمه وقواعده الّتي لا غبار عليها بل أقصد السّياسة كممارسات وقرارات ووسيلة في أيدي حكومات توظّفها أبشع توظيف و لا هم لرجالها إلاّ مصالحهم الأنانيّة والآنيّة و تمرير إديولوجياتهم المريضة على حساب الشّعوب والطّبيعة والأوطان.. لكن هذا لا يعني أنّني لا افهم فيها أو قلمي يرحم من يمارسها فهو لهم بالمرصاد ليعرّيهم وينقدهم ..

هل تحدثنا زهور عن صرخة الرّوح والجسد في كتاباتها ؟

في الحقيقة  لا تخلو كلّ كتاباتي من صرخات مدويّة وهذا مقتطف من قصيدي 


"صرخة الرّوح والجسد"


                                   أريد الرّحيل إلى منتهى الأحاسيس
إلى آماد الحيرة
إلى آفاق التّعب
إلى أوطان الشّك هناك على قمّة الألم
أشتهي الاغتسال بدموع الوجع
المثقلة بملح محيطات الوجدان
أشتهي أن أتدثّر بوشاح التّحدّي
أركب حروف الرّفض
وأسكن بلاد الضّاد المتحرّرة من حدود الأوراق
من نير الرّقيب
من مقصّات أدمنت عادتها السّريّة 
دعوني أتوضّأ بماء القمر
أستر عوراتي بهذا الأفق الممتدّ
أتهجد في محراب الغروب
أتعبّد ... بكلّ لغات البوح 
أتلو آيات ليست كالآيات
لا تحجبوا عنّي وجه الرّبّ
لا تشهروا سلاح التّكفير في وجه الحقّ
لم تعد تجديكم لغات المنع والصّدّ
أنا هنا في ملكوت القداسة
يأويني عرش الحرّية وتحميني يد الرّبّ 


أو صرخة كامنة وربّما الكامنة مسموعة أكثر وموجعة أكثر وإليك مقطعا من قصيد بعنوان :


 "صرخة كامنة"

                                                
آه يا صرختي الكامنة
يا نارا تحت هشيم العجز تقتاتني
أريد الخلاص
لم تعد تجدي المحاولة
أوهمني سيزيف بإرادة تتأرجح بين القمّة والهاوية
كيف أحلّق بعيدا والصّخرة على الصّدر جاثمة ؟
وخطى الحقّ متعثّرة تغازلها الكفّة المائلة
ليت صرختي تُحدث المعادلة
ليتها تزرعني في حضن الشّمس ظلالا وارفة
ليت قلمي يُخصب أراضيه القاحلة


..الكتابة مسؤوليّة وإن لم نحمّلها رسالة فستكون جوفاء ولن تترك أثرها ولن تخلّد معتنقيها . وصدق نزار قبّاني حين قال:
  » إنّ الشّعر كلام راق يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان  «

وفعل الكتابة أعيشه بكلّ جوارحي وأنسكب روحا وجسدا وأتلذّذ بوجع البوح وأموت و أحيا مع كلّ حرف أو كلمة إلى أن ألد القصيد ويقذفني على ضفافه منهارة منهكة ألملم بقاياي لأتوازن وأبدأ من جديد عندما يعربد مارد الشّعر من جديد.

متى تنتفض العروبة ؟

العروبة تنتفض حين تُستهدف كرامتنا وتضيع هويتنا وتُستباح أوطاننا ويبيعها الحكام بأبخس الأثمان ليستمرّ جلوسهم على كراسيّ العهر .العروبة يا سيدتي تئنّ لكن هل من مجيب ؟؟

اللّيل في قصيد زهور؟

للإجابة عن سؤالك لا أجد أبلغ من هذا القصيد الّذي ترجمتُ فيه عمق التصاق اللّيل بالقصيد و بي :


"مع قصيدي واللّيل"



يرجع قصيدي مع غروب الرّوح في آفاق التّيه
محمّلا بأشواق العشّاق المتعبة
يعاقر أنفاسهم المتقطّعة الباردة
يأتي هاربا من صقيع العمر
ومن شبح السّكون في جوف السّماء القانطة
أيّها اللّيل...
هذا نديمك يعاقر معك السّواد
يمتطيك ليهرب من قصيدة تلهو به
تأكل أقلامه
تستنزف حبره عنوة
تستعجل موعد الرّحيل
تاركة على ضفاف الوجدان ركاما من أنين
وبقايا أحرف جاحدة
أيّها اللّيل...
يا ملاذي المحمّل بالسّكون
تعال نلاحق قصيدتي الجامحة
نرّوضها
نقتلع مخالبها .البارزة
نطوّعها...
لتكون حسناء ..حالمة
تهدهدنا
تعيد إلى الشّفاه بسماتها الغائرة
قصيدتي
ليل طويل ... موحش
سفر إلى أعماق الذّات المتأجّجة
إلى آفاق الأفكار المكتظّة في جمجمتي
إلى نهاية أحلامي الهاربة
درب وعر محفوف بالكلمات المكبّلة
حروفها تنزّ بحبر الصّبر المعتّق في الشّجن
أبياتها أعشاش يمام مهجّر إلى منافي الصّقيع
قصيدتي
مرتع تغزو أرجاءه أصداء الصّهيل
توقظ خيوله حروفها المغيّبة
ترسم بنصل القلم ملامح الوجود
صرخة في جوف العقم
مرفأ يعيد النّبض لأكفّ الجليد الخاوية
قصيدتي
ثورة في رحم القواميس لتجهض لغتها البالية
تبعث الحروف رياحا لواقح
توقظ الرّعد ليهزّ أرجاء أبياتها
تحرّر كلمات الحقّ من زنزانة سباتها
قصيدتي 
قمر أزاح ستار الوجع
فكّ أساور الضّياء
و أعْتق النّجوم من رحم الغيوم
إنّها تقيم عرس القصيدة
في كبد السّماء



حديث الروح متى ينبعث ؟

حديث الرّوح ينبعث عندما تتعمّق غربتنا مع الآخر وتغور جراحنا أكثر فأكثر فنلوذ بالرّوح علّها تهتدي لأرواح تهوّن غربتنا أو تدلّنا عن عالمنا المنشود.




على القمّة 
أنت ... هناك 
كنجم يغتسل في أكفّ الشّمس
يغازل قوس السّماء 
يخلع أسمال القبح 
يغوي غمامات الرّوح 
لتبدأ مواسم العطاء
هناك ... أراك 
أقرب من همسة صبح 
من رفّة  جفن 
من رجفة البوح 
حين تناديني قصيدتك




للحياة نسغ و للمآقي غيث كيف يترادف الاثنان في القلب ؟

أظنّ أنّهما إذا ترادفا في القلب يكسرانه  فالحياة هنا استحالت شجرة تبكي حالها بعد أن قطعتها يد لا ترحم والمآقي تسحّ غيثا من فرط الأسى وربّما بسبب نفس اليد الّتي لم ترحم الحياة ... أظنّ أنّ القلب لن يقدر على تحمّلهما معا 

متى تكون الكتابة شفافة كامرأة عاشقة ؟



الكتابة تكون شفّافة كامرأة عاشقة عندما نمارسها عشقا و نُعرّى الكلمات بكلّ صدق ونكتبها بماء الرّوح ويكون منبعها الوجدان... وكنتيجة حتما سيكون مسكنها قلب القارئ.

الشّعر التّونسيّ، ما له و ما عليه؟

الشّعر التونسيّ بخير وهناك أقلام محترمة جدّا محليّا وعربيّا وأقلام شابّة تنحت دربها بثبات. تونس بلد جميل بمناخه وطبيعته الخلاّبة وطبيعيّ أن يُنجب الشّعراء ويزهر فيه القصيد. لكنّ أزمة الشّعر تتمثّل في تقصير وزارة الثّقافة في الدّعم ماديّا ومعنويّا ولا ننسى التفاف بعض الأسماء على الأنشطة الثّقافيّة واعتمادها على أسلوب الإخوانيات والمجاملات والدّعوات المتبادلة متغافلين عن رسالتهم الحقيقيّة وهي رعاية الكلمة بعيدا عن المصالح الآنيّة وعن ممارسات لا تليق بمعتنقيّ الكلمة ولا تضيف للثّقافة وللأدب. وأيضا طفت على السّاحة ممارسات خطيرة يتزعّمها السّلفيّون وهدفها ضرب الإبداع وترهيب المبدع وهي مسألة مخيفة وبئس الأوطان الّتي يموت فيها الإبداع... ربّما نحتاج ثورة ثقافيّة حتّى تُحدث المعادلة وتستعيد الكلمة سيادتها .

بين الشّعر و النّقد تحط زهور رحالها... هل النّاقد فيك يمارس الرّقابة على الشّاعرة فيك ؟

كثيرا ما أصرّح بأنّني لست ناقدة لكن مع ذلك أغلب الكتّاب والنّقاد خاصّة في صحيفة المثقّف ومركز النّور وبعضهم في الفيسبوك يصرّون على كوني ناقدة ربّما معهم حقّ لكن أنا أمارس الكلمة بكلّ أنواعها وأجناسها عشقا وأستمتع وأنا أغوص في أعماق النّصوص الّتي تشدّني وأكتب عنها وأحاول تأويلها للاقتراب من الذّات الّتي كتبتها... ولكن لا أدع النّاقد ة تقيّدني وتكون مثل ( المِحرم) ساعة البوح فالكتابة حالة تنتابني لفترة محدودة دونما تخطيط مسبق ودائما ترتبط بمثير إمّا نفسيّ أو خارجيّ ولعلّهما مرتبطان ببعضهما ويصعب فصلهما. ساعتها أحلّق بأجنحة الشّعر متحرّرة من كلّ ما يعرقل ولادة نصّي وبعدها أضعه بين أيدي النّقّاد والقرّاء... 




كلمة أخيرة ..؟

شكرا لك على هذه الأسئلة العميقة وأتمنّى أن أكون قد نجحت في الإجابة عنها ..أجمل تحيّاتي لك ولمغربنا العزيز.
« « « « « « « « « « « « « « « « 
أجرت الحوار :عزيزة رحموني /المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

زوّار المدوّنة

free counters